الاستثناء والحَصْر بالأداة (إلاّ)
أولاً: المستثنى بـ (إلاّ):
إذا قلنا: (نجح الطلابُ إلا زيداً)، فإن (زيداً) هو المستثنى، ولفظ (الطلاب) هو المستثنى منه، و(إلا) هي أداة الاستثناء. وعلى هذا لا يكون مستثنى بغير مستثنى منه.
ونلاحظ في المثال السابق أن المستثنى منه جاء قبل (إلا)، وأن الكلام قبل (إلا) تام المعنى، وهذا ما نصادفه في معظم حالات المستثنى بـ (إلا). ولكن يمكن أن يتقدم المستثنى على المستثنى منه فيكون الكلام قبل (إلاّ) غير تام، نحو: نجح إلاَّ زيداً الطلابُ. قال الشاعر:
وماليَ إلا آلَ أحمدَ شيعةٌ ماليَ إلا مذهبَ الحقِّ مذهبُ
سننظر الآن في الحالات التي يكون فيها الكلام قبل (إلا) تاماً؛ فيصحّ حينئذٍ في المستثنى بـ (إلاّ) النصبُ دائماً. غير أنه إذا سبقه نَفْيٌ أو نَهْيٌ أو استفهام، جاز مع النصب إتباعُه على البدلية مما قبله:
أ- الكلام قبل (إلا) تام ومُثْبَت، نحو: جاء الأصدقاء إلا سعيداً.
ب- الكلام قبل (إلا) تام ومسبوق بنفي، نحو: ما جاء الأصدقاء إلا سعيداً.
ويصحّ هنا: ما جاء الأصدقاءُ إلا سعيدٌ. (سعيدٌ: بدل من "الأصدقاءُ").
ج- الكلام قبل (إلا) تام ومسبوق بنهي، نحو: ولا يَلتفِتْ منكم أَحَدٌ إلا امرأتَك.
ويصحّ في غير القرآن: امرأتُك: بدل من (أَحَدٌ).
د- الكلام قبل (إلا) تام ومسبوق باستفهام، نحو:
ومَنْ يَقْنَطُ مِن رحمة رَبِّهِ إلاّ الضالّون؟
ويصحّ في غير القرآن: الضالّين: مستثنى منصوب. أما الضالون، فبدلٌ من ضمير (يقنطُ) وهو فاعل.
هـ – الكلام قبل (إلا) مَنْفيٌّ بـ (لا) النافية للجنس(164)، وهو - مع خبر (لا) المذكور أو المحذوف - تام المعنى، نحو:
لا رَجُلَ في الدار إلاّ زيداً/ زيدٌ.
فاعْلمْ أنه لا إلَهَ إلاَّ اللهُ.
ويجوز في غير القرآن أن نقول: لا إله إلا اللهَ [النصب على الاستثناء، والرفع على البدلية: بدلٌ من الضمير المستتر في الخبر المحذوف وتقديره (موجودٌ)، وتقدير الضمير (هو)].
ثانياً: الحَصْر أو القَصْر:
إذا كان الكلام قبل (إلا) غير تامّ المعنى، ويعتمد على نَفْي أو نَهْي أو استفهام، وليس في العبارة مستثنى منه، فلا يكون التركيب استثناءً، بل حَصْراً، ويكون حُكْم الكلمة بعد (إلا) من حيث الإعراب تابعاً للسياق.
أ - النفي بـ (ما) أو (لم) أو (إنْ النافية) أو (لا)، والنهي والاستفهام.
في هذه الحالات، تَجَاهَلْ (إلاّ) وأداةَ النفي أو النهي أو الاستفهام وأعْرِبْ! نحو:
- ما رأيتُ (لم أَرَ) منه إلاَّ خيراً.
التركيب بلا حصْر هو: رأيت منه خيراً. [ النفي بـ (لم) أقوى منه بـ (ما): لم يَلِدْ ولم يُولَدْ].
- ما على الرسول إلاّ البلاغُ.
التركيب بلا حصر هو: على الرسول البلاغُ. البلاغُ: مبتدأ مؤخَّر.
- إنْ أنتَ إلاّ نذيرٌ. (إنْ = ما).
التركيب بلا حصر هو: أنتَ نذيرٌ. نذيرٌ: خبر للمبدأ أنت.
- لا يَعْلمُ الغيبَ إلا اللهُ.
- لا يجوز أن يقود هذه السيارات إلا السائقون المكلفون بذلك.
ولكنْ:
لا يجوز أن يقود هذه السيارات أَحَدٌ إلا السائقون / السائقين…
[ لأن الكلام الآن قبل (إلاّ) تام! والتركيب تركيب استثناء].
- لا تقولوا على الله إلا الحقَّ. (لا) الناهية، تجزم الفعل المضارع (بحذف النون هنا).
التركيب بلا حصر هو: تقولون على الله الحقَّ.
- فَهَلْ يُهْلَكُ إلا القومُ الفاسقون؟
التركيب بلا حصر هو: يُهلكُ القومُ الفاسقون.
ب - النفي بـ (ليس). تَجَاهَلْ (إلا) وأَعْرِبْ، وإنِ انعكس المعنى!
- ليس في الدار إلاَّ رَجُلٌ. (رجلٌ: اسم ليس).
- ليس بينهما إلا ليالٍ. (ليال: اسم ليس).
- ليست الشهادةُ إلا خلوداً. (خلوداً: خبر ليس).