من معاني دعاء (اهدنا الصراط المستقيم)
سؤال:
لماذا تشتد حاجة العبد إلى أن يهديه الله الصراط المستقيم في كل وقت وأن هذه الحاجة لا تنقطع أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة
يقول ابن القيم- يرحمه الله برحمته الواسعة ويحشره مع النبيين والصديقين آمين يارب-:
لا تتم للعبد ســلامة قلبـــه مطلـقا حتى يسلم من خمسة أشياء:
1)من شــــــــرك يناقض " التوحيـــــــد"
2)و بدعــــــــة تخالف "السنــــــــة"
3)وشـــــــهوة تخالف "الأمــــــــر"
4) و غفـــــــلة تناقض "الذكــــــــر"
5) و هـــــــوى يناقض "التجـــــــريد"
والسلامة من هذه الأشياء الخمسة لا تتحقق إلا :
بأن يهدي الله عبده إلى الصراط المستقيم في كل لحظة، لأن الله إذا تركنا لأنفسنا لحظة واحدة وطرفة عين أو أقل بكثير، هلكنا _والعياذ برحمته_، ووقعنا ولا بد إما في الشرك أوالبدعة أو الشهوة أو الغفلة أو الهوى
في كل لحظة، مع كل نفس ، مع كل خفقة قلب ، اللهم اهدنا صراطك المستقيم
طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، يتضمن طلب السلامة من: الشرك الذي يناقض التوحيــــــــد / ومن البدعة التي تخالف الســـــنة/ ومن الشهوة التي تخالف الأمـــــر/ ومن الغفلة التي تناقض الذكـــــر/ ومن الهوى الذي يناقض التجريــــد.
قال ابن القيم -يرحمه الله جل وعلا:
" وهذه الخمسة حجــب عن اللـه -جل وعلا-وتحت كل واحد منها أنواع كثيرة تتضمن أفرادا لا تنحصر، ولذلك اشتدت حاجة العبد بل ضرورته، إلى أن يسأل الله أن يهديه الصراط المستقيم، فليس العبد أحوج منه إلى هذه الدعوة، وليس شيء أنفع له منها، فإن الصراط المستقيم يتضمن علومـــــــــــــا، وإراداتـــــــــــ ، وتروكـــــــــــــــا ظـــاهرة، وتروكــــــــــا باطنـــة تجري على العبد كــل وقــت "
إننا -كما قال يرحمه الله-نتعرض في كل وقت إلى الحاجة إلى مايلي:
1/ نحتاج -في كل "وقت" وكل "موقف"-إلى العلم بما يحبه الله وأمر به في ذلك "الوقت" وذلك "الموقف"
2/ فإن كنا نعلمه على وجه العموم-بفضل الله وتعليمه لنا-احتجنا إلى معرفة تفاصيل مايحبه الله وأمر به
3/فإن كنا بحمد الله نعلم تفاصيل ما يحبه الله ويأمر به، فقد يكون مالا نعلمه أكثر مما نعلمه
4/والذي نعلمه قد نقدر عليه وقد لا نقدر عليه ،مع أنه الحق، عجزا
5/والذي نقدر عليه قد تريده أنفسنا وقد لا تريده، مع أنه الحق، كسلا وتهاونا أو لقيام مانع وغير ذلك
6/والذي تريده أنفسنا قد نفعله وقد لا نفعله، مع علمنا أنه الحق
7/والذي نفعله قد نقوم فيه بشروط الإخلاص وقد لا نقوم
8/والذي نقوم فيه بشروط الإخلاص قد نقوم فيه بكمال المتابعة-للنبي عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم- وقد لا نقوم
9/والذي نقوم فيه بالمتابعة قد نثبت عليه وقد لا نثبت، وقد يصرف قلبه عنه
وليس في طباع العبد الهداية إلى ذلك كله، بل متى وكل إلى طباعه حيل بينه وبين ذلك كله، والعياذ بالله من الخذلان
إذن
طلب العبد الهدى من الله إلى الصراط المستقيم
يتضمن أنه يطلب-من ربه-أن يرزقه العلم بالحق الذي
لا يقبل الله غيره، ويطلب من ربه العلم بتفاصيل
الحق، ويطلب من ربه ان يعطيه القدرة على تعلم
الحق ،ويطلب من ربه القدرة على العمل
بالحق الذي علمه الله إياه، ويطلب من ربه إزالة
العجز عن تعلم الحق وعن العمل به، ويطلب من ربه
أن يجعل نفسه تريد الحق تعلما وعملا، ويطلب من
ربه أن يذهب عنه أي مانع يمنع تعلم الحق والعمل
به،ويطلب من ربه أن يجعله مريدا للحق تعلما وعملا،
ويطلب من ربه أن يعينه على تعلم الحق وفعل الحق والتزام
الحق، ويطلب من ربه أن يعينه على تحقيق
الإخلاص، ويطلب من ربه أن يعينه على القيام بكمال المتابعة
لخير خلق الله عليه من الله أفضل الصلاة وأتم التسليم،
ويطلب من ربه أن يثبته على الحق
هذا بعض ما فتحه الله على عبديه الشيخين الجليلين: ابن تيمية وابن القيم يرحمهما الله بواسع رحمته، وجزاهما الله عنا خير الجزاء
والله ورسوله أعلم
الله أكبـــــــــر ، كل هذا الخيـــــــــــــــر موجود في دعـــــــــــاء واحد! لكنه أعظم دعاء، في أعظم سورة في القرآن الكريم
[ اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ]
آمين